الباحث والبرك الأسنة

في الزاوية الشمالية الغربية, مربع طول ضلعه عشرة سنتيمتر ,كتب في داخله 011 ,هو أحدث معالمه المنسية منذ زمن بعيد,
تقابله ثلاث زوايا بالرأس, سجل عليهما رقمين آخرين,على التوالى039 ,013 ,لا يمكن الاستدلال من تلك الأرقام على أي بداية .
فشل وتحدي,قوقل الأرض وشهادة رسوب ,ولا يحق له دخول الدور الثاني.
عشوائية المكان ,وغياب الزمن ,وموت الضمير أبرز معالم الحياة.
روائح تزكم الأنوف,بل قل روائح اتحدت وامتزجت بشكل غريب وعجيب مع هواء المكان,تذكرت محطة التنقية السابقة بجوار كلية الطب.
تسلحت بخارطة مصلحة الإحصاءت العامة لعام 1430 هجرية,
فشلت كل محاولتي في العثور عليه,لم أترك زاوية غربية ولا شرقية وشمالية والجنوبية ولا مابين لبينين ,تداخل بين المربعات أصعب من لعبة المتاهه,
ملتقي عدد من القنوات نصف أسطوانية الشكل,ماء يميل إلى السواد,رائحة نتنة ,رغبة ملحة في الاستفراغ ,صبية في أعمار الزهور ,وصبيات ربيعيات المواسم ,لايتجاوز أكبرهم وأكبرهن العام الرابع بعد,وقد اختفت منهم النظارة ,ولم يعد لملابسهم لونا محدد,يحسبون أنفسهم في بركة سباحة أو قل جدول نهر أفريقي,يتقافزون حول بركة أسنة بعفوية وبراءة عجيبتين؟؟!!,برزت من بين الفتيات ,لها شعر حريري ,ووجه تلون بذالك السخام الأسود الكئيب ,تنوراتها القصيرة ذات اللون الأحمر القرمزي كشفت عن ساقين نحلتين دقيقتين,أشبه بأطفال المجاعات هناك,لم يعد لبلوزتها أي لون ,عدا السواد نتن الرائحة عينان سماوية الزرقة,يتقاذفنها الصبية ,يغمرنها في البركة الأسنة,تضحك ,يقهقه كل من حولها من الأطفال,يركضون يتقاسمون طبقا من بطاطس( سيد),لم يكن لها نصيب ,جلست تبكي ,تمسح دموعها بيدين موبئتين ,تلعق سائل لزج بلون بالسواد الآسن كذلك ,تقذف بنفسها هناك مرة أخرى لعلهم يعودون أو يشفقون عليها ,لعلها تكسر قلب عابر من هنا.........؟؟؟؟!!!!.
كنت أنا العابر ,اندفعت نحوى تبكي ,التصقت بثوبي ,تعلقت بي ,لعنت البحث واستماراته,سخطت على مراقب التعداد ,أستحظرت قاموس الكلمات البذيئة,لم أستطع أن أتفوه بكلمة واحدة منه ,نصف ثوبي السفلي عانق بلوزتها تقاسما السواد ,نسيا معا الألوان,اتحدا في الروائح العبقة.
أين هم كشافوا حاسة الشم لمصانع العطور العالمية؟,أجزم يقنا أن ضالتهم هنا.
تشد ثوبي ,تزيل ما علق بأنفها في المساحات البيضاء المتبقية منه,تصرخ ما عندي بطاط,أعطني ريالين ,بطاط سيد خلص.
مجموعة من النساء يرقبن الموقف ,تتعالى ضحكاتهن ,تصل إلى مسامعي ,مسكين ,شكله غريب,(أبوه ) والله فضيحة,طالعي ثوبه المسكين,أتورى خجلا,أرغب في الهروب ,أبحث عن شارع ,عن رصيف ,عن سيارتي ,أتمنى لو أن عندي طاقية الإخفاء !!!,أين أنت يا مصباح علاء الدين؟لا أريد مالا ,ولا أحلم بقصر,آآآآآه لو أن لي بساط الريح!!!!,استدعيت كل تراث الخوارق,فقط أريد الاختفاء ,الهروب ,الطيران من هذا المكان.
ركلتني بقدمها الصغيرة ,انتزعتني من سلبيتي ,من الرغبة الهاربة,بس ريال ,ريال بطاط ريال.هن لا زلن هناك ,ولم أعد قادر ا على الصمود.
سؤال فجائي ,كيفية الخروج,لم أعد أعرف طريق العودة,السائل الملحي أعمى عيني .
نظرت يمينا ,رأيت مجموعة من الشباب تجلس بالقرب من مسطح أسن أخر ,دسست في يدها مبلغ لم أعي كم هو!!.
السلام عليكم ,مرحبا جاء ردهم ,يا شباب أين الطريق إلى مسجد000000000 ,ضحكات تتعالى ,لا اعلم هي على سؤالي ؟أم على شكلي؟ أم لون ثيابي ؟أم رائحتي الباريسية الباهرة؟!!!!!!.
في طريقي ألمح أكوام من أكياس البلاستيك السوداء ,كجبال صغيرة متناثرة,عدد ممن يرتدي البزات البرتقالية,توسدت فرش باهت اللون ,بأيدهم أنية ذات طبقات ثلاث ,تنبعث منها ورائح طعام شرق أسيوية, جالون من الماء سعة عشرة لترات وحولهم عدد من الجبال الصغيرة المترعة ب00000.0.
عرض الطريق لا يزيد عن نصف متر ,هل تعبره سيارة ألتوا؟؟!!!.
لا أعلم المسافة بين سيارتي وهذا الزقاق ,أ ب حوله ثلاث فتات بيد أحدهن كتاب لغتي لصف الأول الابتدائي ,والثانية كتاب تعبير الصف الثاني ,والثالتة كراسة رسم وعلبة ألوان,أتخذ من غطاء حجرة الصرف الصحي مجلسا له,ونغمة هاتف محمول تصدح بإحدى الأغنيات وقد تشاغل عنهن جميعا,والمسيلة الأسنة أمام ناظريه,وقد تخضبت بها أقدم بنياته!!.
ضللت الطريق ,قادتني قدماي إلى مخرج أخر وإذا بي أمام مسجد ألبريك.
هنا وفي الشارع المقابل يسكن من كان مديرا للبلدية فترة من الزمن!!!!!!!!!,وهنا أيضا يسكن نائب الأمين العام للمدينة